سُئلت هذا الصباح عما أنصح به شخصًا يريد الدخول في مجال البيع عبر الإنترنت …
بدايةً أقول أني عملتُ بصفة مسوِّق لما يفوق العشر سنوات حتى الآن وقد كلفني طموحي ما لا أود الإفصاح عنه علانية. في حال كنت ترغب في دخول أحد أنواع الأعمال التجارية عبر الإنترنت، فهذه النصائح المقتضبة ستساعدك على تهيئة نفسك لما سينتظرك في رحلتك هذه.
1) لا تستقل من وظيفتك الحالية حتى تصبح الساعات التي تقضيها في تلك الوظيفة تكلّفك مالًا بالفعل (بعبارة أخرى: حتى يصبح عملك الجانبي يدرّ دخلًا معقولا) بهذا الصدد، لا شيء في مجال البيع عبر الإنترنت يحدث بسرعة عدا خسارتك المال!
2) صحيح أنك قد تحقق بعض الأرباح والنجاحات لكن منحنى التعلم (معدّل تقدّم الشخص في تعلم مادة أو مجال ما جديد عليه) سيكون حادًا ومما لا شك فيه أنك ستفشل عدة مرات أكثر مما ستنجح، بغض النظر عما مدى إصرارك في المضيّ قدما والأشواط التي قطعتها. ما من نجاحٍ يأتي دون فشلٍ هائل ومستمر وكمية كبيرة من الدروس المستفادة على طول الطريق. والدروس المستفادة من الفشل الذي ستواجهه هي درجات السُلم الذي سيرتقي بك نحو الأعالي ويفتح أمامك آفاقًا جديدة.
3) لا تتعلق كثيرًا بمنتج واحد أو علامة تجارية واحدة فقط. إن جربت حظك مع إحدى المنتجات أو العلامات التجارية وفشل الأمر ولم تجد أي منفذ للمضي قدمًا، أتركه واِمضِ. لأنك لو استمريت مع المنتج أو العلامة التجارية رغم فشلك معها فستفوت على نفسك الكثير من الأفكار التجارية الأخرى التي ستجني لك أكثر مما ستربحه مع المنتج الذي فشلت فيه حتى في حال نجح لاحقًا.
بهذا الصدد، هيئ نفسك لأن تفشل مع عدة منتجات وعلامات تجارية وتقبّل ذلك بصفته درسًا تعليميًا وعلامةً (كالندوب) تبين كم شوطًا قطعته في هذه اللعبة.
4) أنشئ خطةً ونظامًا قابلًا للتنفيذ هكذا تعرف بدقة ما الذي ينبغي عليك فعله كل يوم دون تردد أو ارتباك. تابع مجموعة من الخبراء في المجال أو تدرّب لدى مرشد (mentor) أنجز بالفعل ما تريد الوصول إليه واتبع منهجيتهم لتحقق النجاح.
مع ذلك لا تكثر من المتابعة لدرجة أن يصبح الأمر مشتتا لك عن هدفك الرئيسي، ذلك أن هناك الكثير من الطرق التي يمكن أن تجني بها المال عبر الإنترنت، ومن ثَم هناك الكثير من الدورات والمناهج والورش التدريبية اللامعة والبراقة في مختلف المجالات التي يمكن أن تشتتك عن المضي قدما في دربك. كي لا تتشتت، ضع قائمة بالمجالات أو الطرق الربحية التي تريد إتقانها. وتعلم واحدة نظريا وتطبيقا في كل فترة زمنية. يعني طريقة واحدة كل فترة زمنية محددة. وليس عدة طرق أو مجالات في نفس الوقت.
5) إن امتلاك أكثر من عمل تجاري أون لاين دون أن يكون عملك التجاري الأول مستقرًا يشبه محاولتك أن تكون وفيا مع أكثر من امرأة. وهذا ما يعني أنك ستفشل حتما في التوفيق بين عدة أمور متشعبة كل واحدة منها لها متطلباتها، وهذا لن يفيد أحدا لا أنت ولا غيرك ولن تجد الأمر يستحق ذلك العناء.
6) بالنسبة للخبراء والمرشدين، كن متحفظا وحذرا في متابعتهم ذلك أن عددًا كبيرًا منهم “فنّانون”. بمعنى أن كل واحد منهم بارع جدا في موضوع أو موضوعين على الأكثر لكن معظمهم لا يستطيع شرح أساسيات العمل التجاري بصفته “منظومةً”، وفهم كيفية تحويل العمل التجاري إلى “منظومة” بصورة صحيحة أهم مفتاح للنجاح في إنشاء عمل تجاري عبر الإنترنت.
7) اقضِ أشهرًا (على الأقل) في البحث في كل جانب من جوانب خطتك التجارية والتجريب العمليّ الملموس في كل نقطة من نقاطها. لأن هذه الطريقة ستجعلك مدركًا لما ينبغي عليك فعله وما الذي تحتاج أن تحيله للآخرين كمستقلين أو ما تحتاجه من برامج وأدوات في عملك.
8) ليس هناك إلا مهارة واحدة ووحيدة في مجال التسويق تعلو على جميع المهارات الأخرى كلها. ألا وهي مهارة “كتابة الإعلانات”. وهي المهارة الأصعب من ناحية إتقانها، والمهارة الأقوى تأثيرًا في مجال التسويق والترويج. وهي صعبة لأن تعلم الكتابة بجودة عالية يستغرق منك سنوات من الممارسة المستمرة، لكن ثمرته تمدك بالقدرة على توجيه أفكار الناس الآخرين. ومهارة الكتابة هي العلامة الفارقة المميزة في أي نوع من أنواع التسويق، والتسويق كما لا يخفى هو القطب الذي تتمحور حوله جميع عناصر مجال البيع عبر الإنترنت. أتقن مهارة الكتابة الإعلانية وستتمكن فعليًا من دخول أي مجال من مجالات التجارة الإلكترونية، مما سيعود عليك بأرباح طائلة.
9) إن المدخول النقدي هو الثغرة الأكثر خطورة في جميع الأعمال التجارية. حدد الثغرات الحرجة الأخرى في عملك التجاري وقم بسدّها واجعل هذه العملية جزءًا من خطتك التجارية.
10) إن لم تكن تحب العزلة والمكوث وحيدًا لفترات طويلة جدًا من الزمن، فالأعمال التجارية عبر الإنترنت ليست لك، فدعك منها.
هيئ نفسك لأن تفقد نفسك (تصبح شخصًا آخر غير ما عهدته في نفسك من قبل) ومن أَلِفْت الخروج والتنزه معه. وسبب ذلك أن حدوث أي تغيير كبير (وإدارة عمل تجاري عبر الإنترنت يعتبر بلا شك تغييرا كبيرا فلا يخدعنّك الآخرون بقول خلاف ذلك) سيكبدك كل شيء ألفته عن نفسك وعن حياتك التي تعيشها الآن.
11) هيئ نفسك لأن تتغير الطريقة التي تريد أن تقضي بها أوقاتك. بهذا الصدد ستبدأ الأمور التي تظن أنها ممتعة في التغيّر. كما ستتغير أيضًا نظرتك لأحبابك (ولعل ذلك لأنهم الناس الأقرب إليك لذا سيلاحظون هذا أولًا). ستتغير أيضًا نظرتك للمال وطريقة تعاملك معه. مما سيتغير كذلك ما الذي تريده في المستقبل ومن هم الناس الذين تريدهم في ذلك المستقبل. ستتغير كذلك نظرتك لأطفالك وما الذي تريد أن تُعلِّمهم إياه.
والحياة ستغدو أسوأ بكثير قبل أن تحظى بفرصة للاستمتاع بأي جانب من جوانبها.
والآن اسمعني: إن كنتَ تريد الدخول في مجال الأعمال التجارية عبر الإنترنت لتتمكن من شراء منزل أكبر مساحة وامتلاك مال كافٍ يتيح لك أخذ أطفالك لملاهي ديزني كل عام، من حقك أن ترغب في ذلك، لكن عليك أن تفهم أن المضي قدمًا في هذا المجال يعني أنك ستجعل الناس من حولك مستائين منك إن أرادوا بعضًا من وقتك… لا سيما عائلتك…
بعد ذلك، ستكون الرغبة في قضاء بعض الوقت مع عائلتك مضرّة بعملك التجاري…
وبعدئذ، سيتسبب عدم امتلاكك عملا تجاريًّا ناجحًا بما فيه الكفاية لتوفير حياة أفضل لعائلتك؛ وبعد ذلك عدم امتلاكك لما يكفي من وقت تقضيه معهم عندما تبدأ علائم النجاح تلوح، في تمزيق نسيج كينونتك وجوهر وجودك إربًا.
وهذا الجزءُ اللزج الكريه من العملية الملعونة التي ينطوي عليها تأسيس عمل تجاري ناجح عبر الإنترنت لا بد لك من ولوجه وتجرّع مرارته إن أردت حقا الحرية التي تسعى نحوها، لذا حافظ على رباطة جأشك من الآن واعلم ما أنت مقبل عليه.
12) سيستغرق الأمر وقتًا أطول بكثير مما تتوقعه حتى تشعر بلذة الانتصار وتتغير الحياة نحو الأفضل.
13) إن كنت جادًا في دخولك لهذا المجال، تخلص من المُشتتات والمُلهيات. من المشتتات: ألعاب الفيديو، وأفراد الأسرة الذين لن تجني شيئا من محادثتهم، وأولئك الأصدقاء الذين سيضيعون وقتك في عطلات نهاية الأسبوع أو عندما يتصلون بك هاتفيا ويسرقون وقتك بالحديث عن الكثير من الأمور الهرائية التي لن تنفعك في شيء. كل هذا لا بد أن يخرج بلا رجعة من حياتك. بهذا الصدد، ألغِ متابعة الأشخاص والصفحات التي لا تفيدك في قنوات التواصل الاجتماعي؛ لا بد أن يكون “آخر الأخبار” في فيسبوك أو “الخط الزمني” في تويتر في حساباتك خاليًا من كل شيء عدا ما سيفيدك فعلًا ويجعلك نسخة أفضل من نفسك، وهذا لا يتضمن ما يُسليك ويشتتك.
14) ينبغي عليك أن تعامل عملك التجاري عبر الإنترنت كأنك ترعى طفلًا رضيعًا في غرفة الإنعاش. وهذا التشبيه جادّ للغاية وليست مجرد تشبيه بلاغي، إن كنت لا تود أن تتلزم بعملك التجاري تماما كما تلتزم بعناية طفل في غرفة الإنعاش فلن تنجح في إيصال عملك لبر الأمان. فلو كان لديك طفل في غرفة الإنعاش، وأنت -لا أحد غيرك، سواء أكانوا من عائلتك أو أصدقائك أو نشاطاتك المفضلة- من يقع على عاتقه دعم ذلك الطفل (العمل التجاري) وتقويته حتى بلوغه لمستوى يجعله يقف على قدميه معتمدا على نفسه، فإن جميع الأمور الدنيوية الأخرى التي تحدث في العالم يمكنها أن تنتظر. وهنا نصل للحديث عن عملك لمئة ساعة في الأسبوع…لأنه إن غفلت عن العناية بعملك التجاريّ سيدخل مباشرة في حالة حرجة قد تودي بحياته.
15) سيكون إطلاق عمل تجاري عبر الإنترنت بمثابة عملية “غربلة” عظيمة في حياتك. في هذه العملية من الغربلة إما أن الناس الذين تحتاجهم في حياتك سيمكثون معك على رغم العاصفة والمتاعب التي تحدثنا عنها أعلاه أو سيذهبون ويأتي أناس جددٌ غيرهم ممن ستعثر عليهم خلال رحلتك. في خضم هذه الغربلة ستُنقّى حياتك من الناس الذين لا صلة لهم بك وأولئك الذين لا يتعلقون بك إلا لأجل مصلحة…وأنا أوصيك أن تدعهم يذهبون…لأنه ينبغي أن تولي اهتمامك بعملك التجاريّ أكثر منهم.
16) يشبه إطلاقك لعمل تجاري عبر الإنترنت القفز في أعماق المحيط ورجلك مجروحة وليس معك إلا سكين في يدك. وهذه الوضعية كما هو واضح وضعية حياة أو موت تتطلب منك أن تكون منتبهًا مئة بالمئة، مع بعض الحظ.
لأنه إن لم تفترسك أسماك القرش، ستُهلكك الأمواج.
فإن لم تهلكك الأمواج، سيقتلك التهاب جرحك.
فإن لم يقتلك التهاب جرحك، فلربما ستتضور جوعا حتى الموت.
فإن نجوت من الجوع، فلربما الحشرات التي ستجدها على الجزيرة ستقضي عليك.
فإن نجوت من الحشرات، فلربما تتضور جوعا حتى الموت مرة أخرى.
فإن نجوت من الجوع، فلربما أتت الحيوانات التي تعيش في غابة الجزيرة وتفترسك.
ولو نجوت من كل هذا، فلعل الوحدة التي ستشعر بها ستجعلك تقتل نفسك.
فإن لم تقتل نفسك بعد كل هذا، يمكن القول حينئذ أنك تعلمت كيف تنفذ بجلدك.
وحيئنذ فقط تكون قد مضيت في رحلتك المحفوفة بالمخاطر. ستغيرك هذه الرحلة جذريًا جرّاء ما واجهته من أهوال ولعلك قد تتمكن من بناء طوف والإبحار به عائدًا لما ‘تعتبره’ وطنك…لكن مع الأخذ في الحسبان أنك عائد مرة أخرى للمحيط الشاسع، مع يقين جازم بأنك ستصادف عواصفًا مهولة، وإمكانية أن تمرّ مجددًا بنفس الأهوال المخيفة التي نجوت منها سلفًا.
ستغير هذه الرحلة من كينونتك وهويتك.
وستضطر لتحمّل المرور بتلك المصاعب والخلوص من تلك الأهوال عدة مرات قبل أن تذوق طعم النصر…
بالنسبة لي كلفني عملي التجاري عبر الإنترنت ما لا أود الإفصاح عنه علانية. لقد استغرقتُ تسع سنوات لتعلم المهارات اللازمة، وضبط نُظُم عملي التجاري بصورة صحيحة وجعل العمليات التشغيلية لها مُستدامة والوصول لمرحلة أسعد فيها بما أعمله كل يوم بحيث لا ينتابني أي قلق أو ضغط بشأنه.
والآن لنتحدث عن الجانب المشرق الإيجابي…
17) إن تمكنت من تجاوز كل ما تحدثنا عنه أعلاه، ستعرف أن الحرية التي تأتي من العمل لصالح نفسك في مجال التجارة الإلكترونية لا يضاهيها أي شيء آخر في العالم. حيث سيكون لديك من المهارات ما يجعلك تعيش حياةً لا يستطيع الآخرون عيش مثلها بل ولا يستطيعون حتى استيعابها. وهذه التجربة بُعْدٌ مختلف كليًا من السعادة لا يَخبُرُه إلا قلة قليلة من الناس.
18) ستحظى على الدوام بالتفوق على أي عدد من الناس تريد أن تتفوق عليهم. صحيح أنه يمكنك دائمًا تحسين عملك التجاري وفق الآراء التي تصلك، لكن السرعة التي ستتمكن في غضونها من جني الأموال وإحداث نقلة نوعية في حياتك ستكون مُذهلة!
19) إن إطلاق عمل تجاري عبر الإنترنت هو أسهل طريقة لتوفير وقتك وكسب المال أثناء نومك، ما يعني أن الناس ستشتري ما تبيعه حتى وإن لم تكن أمام حاسوبك.
20) صحيح أنك ستمرّ عبر الجحيم لتصل لهذه المكانة، لكن العلاقات التي ستكوّنها مع الناس الذي مكثوا لجانبك رغم الصعاب ستكون وطيدة بما لا يقاس ومُجزية للغاية.
21) بمجرد أن تكتشف نظام عمل تجاري عبر الإنترنت في مجال ما سيسهل عليك جدًا أن تطبقه في مجالات أخرى أو الاكتفاء بتكراره المرة تلو الأخرى وجني الأرباح منه مما يسهم في زيادة دخلك وتأمين المستقبل الماليّ لعائلتك.
لا تتشتت، أبق الدربَ نُصبَ عينيك. تحلَّ برباطة الجأش..قوّ قلبك..
وتذكر أنه أيا ما كان الشخص الذي تود أن تكونه غدًا، لا بد أن تسعى للعمل والتطبيق اليوم.
أتطلع لقراءة أفكاركم في التعليقات.
للمزيد من التوسع في النقاط المذكورة أعلاه أرحب بكم في مجموعتنا على فيسبوك أو قناتنا على يوتيوب.
تُرجم المقال ونُشر بإذن كاتبه الأصلي: ستيفن بلاك
نقل المقال للغة العربية: يونس بن عمارة – لطلب خدماتي في الترجمة اضغط هنا.